24‏/10‏/2010

مراحل تعلم الرياضيات

مراحل تعلم الرياضيات

مراحل تعلم الرياضيات :
الرياضيات موضوع تراكمي ومنفتح، فالأفكار الجديدة تعود إلى الماضي لتجد لها معنى وأساسا في خلفية الطالب وبنيته المعرفية، وتصبح هذه بدورها مادة لأفكار وعلاقات مقبلة.
وما لم يكن قد أتقن تعلمه جيدا، وغدا قريبا، وفي متناول المتعلم، يصعب الرجوع إليه واعتماده لفهم ما يبنى عليه من موضوعات مستجدة.
إن إتقان التعلم ينطوي على عدة أمور، وحتى يبلغه الطلاب عليهم أن يفهموا المعنى الرياضي للمفهوم أو العلاقة الجديدة، وبعد ذلك يحتاجون إلى العمل عليه بمفردهم حتى يتعمق فهمهم له، وينظروا إليه بثقة وألفة، فيصبح جزءا من خلفيتهم الرياضية، وحتى يكون الطلبة قادرين على استخدام المفهوم أو التعميم مستقبلا وفي مواقف أخرى تختلف عن تلك التي جرى التعلم فيها أصلا، لا بد أن يعوا شكله التجريدي العام، ليتمكنوا من إدراك المواقف التي تكون ملائمة لتطبيق هذا المفهوم أو التعميم، وإذا أريد للمفهوم أو العلاقة أو المهارة الجديدة أن تبقى متماسكة وثابتة في الذاكرة، وجب على الطلبة استخدامها بين الحين الآخر.
وهكذا، فإن تعلم أي موضوع جديد في الرياضيات يمر في أربعة مراحل أو أطوار ( butler, 1970 ) وهذه هي :
1.    
الفهم الأولي للمفهوم أو العلاقة أو المهارة الجديدة .
2.    
تعميق الفهم والاستيعاب .
3.    
التعلم بهدف الانتقال .
4.    
دوام التعلم واستبقاؤه .
وسنعرض بشيء من التفصيل هذه المراحل بالتتابع الوارد :

الفهم الأول ( understanding
عندما يبدأ الطلبة تعلم أي موضوع جديد في الرياضيات، لا يكفي أن يلقي المعلم محاضرة عن الموضوع، فالطالب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية لا يكون قادرا على استيعاب وفهم موضوع جديد غير مألوف  إذا انفرد المدرس في وقت الحصة، فغالبا ما تعترض الطالب بعض الأمور الصعبة، والتي يؤدي عدم توضيحها من قبل المعلم وفهمها من قبل الطالب إلى التعثر في فهم الأجزاء اللاحقة.
إلا أن ذلك لا يعني أن تقديم المعلومات بطريقة الأخبار أو العرض لا مكان له، أو يجب استبعاده بصورة مطلقة، فهنالك أوقات يضطر فيها المعلم إلى إخبار تلاميذه عن شيء ما أو موضوع معين ليساعدهم على الفهم، كان يوضح معنى جديدا، أو رمزا أو مفهوما.
وحتى لا يكون الموقف الصفي لجانب واحد، يجب أن يتخلله باستمرار أسئلة موجهة من المعلم لطلابه بغية التأكد من فهمهم، وبقصد استدراج أسئلة منهم، وحثهم على المساهمة في النقاش، وعن طريق الأسئلة المنتقاة يتمكن المعلم من توجيه تفكير الطلبة لاكتشاف الحقائق والعلاقات الجديدة بأنفسهم.
وينبغي على المعلم أن يتحقق من فهم طلابه من خلال أسئلة موجهة إليهم حتى يمنع نشوء أية ثغرة في تعلمهم.
التعليم التطوري:
ليست هناك طريقة وحيدة يتعلم بها الطلاب موضوعا جديدا في الرياضيات، وحتى يطور المعلم فهم طلابه للأفكار الجديدة بنجاح، يتوجب عليه أن يكيف أسلوبه ويعد له في ضوء المواقف التي تواجهه، ويستخدم أكثر من طريقة، ويجعلها متكاملة لتسهم في تحقيق الهدف.
ومن الأخطاء التي يرتكبها المعلمون والطلبة على حد سواء، محاولة قطع كمية كبيرة من المادة الرياضية في وقت ضيق، مما يؤدي إلى إخلال في تعلم المادة.
فعلى المعلم والطالب تجنب الإسراع في تعلم موضوع جديد، ذلك أن تطوير تعلم المفاهيم الجديدة عملية بطيئة وتحتاج إلى مناقشة مستمرة، وتفاعلا ما بين مجهودات الطالب والمعلم.
إن الهدف الثابت هو تطوير الفهم الرياضي القابل للاتساع، والمستند إلى خلفية صلبة ومتماسكة، وتغذية الاهتمام المتواصل من جانب الطالب في الموضوع بغية جعله يستسيغ المادة المتعلمة ويقدرها، ويكتسب قدرة متزايدة للتفكير فيها بصورة استقلالية، وضمان أعلى درجة ممكنة من مشاركة الطلاب في المجهود المطلوب، وإثارة اهتمامهم لمتابعة دراسة الرياضيات.
تعميق الاستيعاب :
إن فهم الأفكار والعاقات الجديدة في الرياضيات شرط مسبق لإتقان التعلم، فإتقان تعلم موضوع جديد في الرياضيات يتطلب أكثر من مجرد فهمه، إنه يتطلب أن يكون هذا الموضوع مألوفا للطالب،وجزءا من خلفيته الرياضية.
وهذا لا يتم إلا بإتاحة الفرصة للطلبة للعمل والتفكير المستقلين ودراسة أمثلة متنوعة وحل مسائل متعددة، فالمفاهيم الجديدة، إجمالا ‘ لا تتقن إلا إذا وجدت في مضامين مختلفة، والقواعد الرياضية والعلاقات لا تتقن إلا بالتطبيق المستمر.
هذه المرحلة هي فترة عمل ذاتي من قبل الطلاب، تتاح لهم فيها فرص العمل والتفكير المستقلين، إذا أنهم سيشتغلون بالأفكار والمبادئ التي تعلموها وحدهم لترسيخها بصورة أثبت في بنيتهم المعرفية، وليكتسبوا إدراكا أوسع لدورها واستخدامها في المستقبل في تعلم مفاهيم وعلاقات جديدة.
ويجب أن تتاح للطلاب فرصة التفكير في مسائل جديدة ليروا كيف تستخدم هذه الأفكار والمبادئ في حلها
وانتقال التعلم قد يكون انتقالا إيجابيا، بمعنى أن أداء مهمة ما يسهل أو يساعد على أداء مهمة ثانية، وقد يكون انتقال التعلم سلبيا عندما يؤدي أداء مهمة سابقة إلى تعطيل أو عرقلة أداء مهمة لاحقة.
وانتقال التعلم يجب أن يكون في قمة أهداف تدريس الرياضيات.
ومن مظاهر انتقال التعلم في الرياضيات التعرف إلى نموذج شامل في ظروف متعددة مما يؤدي إلى تعميم أو التعرف إلى نموذج في وضع خاص يشابه نموذجا جرى التعرف عليه من قبل في أوضاع أخرى، أو جرى تعميما سابقا.
والانتقال قد يكون تعميما جديدا أو مثلا أو تطبيقا على تعميم معروف سابقا.
وللنتاجات التعلمية ( المقدرات ) دور فعال في المخطط التراكمي الذي اقترحه جانييه لما تتصف به من قابلية لانتقال أثر التعلم أفقيا ورأسيا.
ويكون الانتقال أفقيا عندما تعمل على المستوى نفسه في موقف جديد مشابه للموقف الأصلي، أي عندما يتم الانتقال من مهمة إلى مهمة أخرى بنفس المستوى أو درجة الصعوبة.
ويكون الانتقال رأسيا عندما توظف المقدرة ( وحدها أو مع غيرها ) في تعلم مقدرة من مستوى أعلى، أي عندما يكون انتقال التعلم من مهمة إلى مهمة أخرى أكثر تقدما أو صعوبة أو تأتي بعدها في سلم التعلم.


توجيه الدراسة في الرياضيات :
 غالبا ما يتبع الطلبة أساليب غير فعالة في دراستهم للرياضيات، فهم يقرؤون دون تعميق، ويهملون أعمالهم الكتابية وواجباتهم البيتية، ولا يجلسون الجلسة الصحيحة، وينصتون لأمور تشتت أفكارهم، ولا يبصرون على الأمور التي تتطلب تفكيرا مركزا ووقتا طويلا، ولا يأخذون الوقت الكافي، وفي أحيان كثيرة لا يكونوا هم البادئين في الأنشطة والأعمال، ويعتمدون اعتمادا كليا على المعلم.
لا يحتاج الأمر من المعلم المدرك وقتا طويلا ليعرف حالة طلابه وإمكاناتهم، كما يجب أن يندفع هذا المعلم وباستمرار تقديم المساعدة لطلابه وفي أتفه الظروف.
إن المعلم ذا النظرة المتعمقة في أوضاع صحيحة في دراسة الرياضيات، ومعالجة الصعوبات والمواقف غير الصحيحة.
التعلم بهدف الانتقال :
هل يمكن تعلم الرياضيات بحيث تستخدم أساليبها ومفاهيمها في حل المسائل في مواقف أخرى ؟
إن الرياضيات تنطوي على مفاهيم ومبادئ ونظريات وأنماط من التفكير والمعالجة الرياضية يمكن تطبيقها في موضوعات أخرى في الرياضيات، ويمكن تطبيقها أيضا في مجالات خارج نطاق الرياضيات، وتمكننا معرفتنا الرياضية من تطبيق أساليبها ومفاهيمها في عدد من المشكلات اليومية أوسع بكثير مما تشمله المواقف الرياضية نفسها.
وانتقال التعلم يعني أن أداء مهمة ما، أو الخبرة التعلمية في موقف معين يؤثر على أداء مهمة لاحقة، أو تعلم خبرة جديدة، أي أن التعلم في موقف معين سابق يؤثر على التعلم في موقف آخر جديد.

وفيما يلي بعض المواقف التي يتم فيها انتقال التعلم :
1. 
تعلم قاعدة " مساحة المثلث = نصف حاصل ضرب قياس قاعدته في ارتفاعه " يسهل على الطالب الوصول إلى قاعدة مساحة مضلع منتظم عدد أضلاعه  ن .  ( انتقال تعلم رأسي )
2.    
جمع وطرح وضرب الأعداد الصحيحة تعتبر الأساس لتعلم إجراء القسمة الطويلة . ( انتقال تعلم رأسي )
3. 
إدراك مفهوم الأساس العشري في كتابة الأعداد والقدرة على إجراء الحسابات في الأساس العشري يسهل تعلم الأساسات غير العشرية وإجراء العمليات الحسابية فيها . ( انتقال تعلم أفقي )
4.    
إتقان مهارة جمع الأعداد يسهل تعلم وإتقان طرح الأعداد . ( انتقال تعلم أفقي )
5. 
معرفة الطالب أن مجموع زوايا المثلث = 180ْ يسهل عليه التوصل إلى مجموع قياسات الزوايا الداخلية لمضلع . ( انتقال تعلم رأسي )
6.    
تعلم خوارزمية الضرب والمهارة المكتسبة ينتقل إلى تعلم خوارزمية القسمة ويؤدي إلى إتقان مهارة القسمة .
7.    
انتقال التعلم من مهمة العزف على البيانو إلى مهمة الضرب على الآلة الكاتبة .

وحتى يسهل انتقال التعلم، لا بد للمعلم مراعاة ما يلي :
                                 
أ‌-          أن يعود الطلاب التعرف إلى نماذج متشابهة في أوضاع جديدة، وفي أوضاع مختلفة ومألوفة لديهم.
            
ب‌-   أن يعود الطلاب البحث عن التشابهات والتماثلات, من خلال أمثلة يوردها المعلم ويلفت نظر طلابه إلى التشابه والتماثل بين الجديد والمألوف.
نظريات في انتقال التعلم :
1.  نظرية ترويض الملكات : يفترض أصحاب هذه النظرية أن العقل مركب من ملكات (faculties)، مثل ملكة الذاكرة، التفكير، التخيل، وهذه الملكات تتقوى عند الفرد بالتمرين مثلما تتقوى عضلات الجسم بالتدريب والتمرين.
2. 
نظرية العناصر المشتركة : تفترض هذه النظرية أن العناصر الموجودة في موقف تعليمي أصلي يجب أن تكون موجودة أيضا في الموقف التعلمي الجديد، وقد تكون العناصر حقائق أو مهارات، أو طرائق، فالتلميذ الذي يتقن الحقائق يستطيع استعمالها في مشاكل أخرى تظهر فيها نفس الحقائق، فإتقان استعمال فهرس أو قاموس ما، ينتقل إلى مهارة استعمال فهرس آخر أو قاموس جديد نظم بطريقة مشابهة.
3. 
نظرية التعميم : الانتقال هنا يتم بوجود شيء مشترك بشكل كاف بين الموقف الجديد والموقف القديم، وهي بذلك امتداد لنظرية الانتقال عن طريق العناصر المشتركة، فإتقان تعلم جمع الكسور العشرية في منزلتين ينقل إلى إتقان تعلم جمع الكسور العشرية بصورة عامة وكذلك ضرب وقسمة الكسور العشرية على 10 أو 100 أو ...
4.  النظرية الإدراكية : ذهبت هذه النظرية إلى أبعد من نظرية الانتقال بالتعميم، والتأكيد في هذه التعلم في هذه النظرية على أهمية الاكتشاف وحل المشكلات، والإدراك الكلي للموقف بما في ذلك المبادئ والعلاقات التي يتضمنها الموقف أساسي كاف لحدوث الانتقال وتفسيره.



التعلم بهدف الدوام :
إن كل موضوع جديد في الرياضيات يتم تعلمه قابل للنسيان مهما بلغت درجة إتقانه أساسا، إلا إذا حفظ عن طريق التطبيق والتدريب المتكررين، ويصح هذا بشكل خاص على المهارات والعلاقات الرياضية، فالمهارات تحتاج إلى تدريب منظم، والعلاقات والمفاهيم تحتاج إلى مراجعة وتطبيق في فترات متعددة وسبل التعلم بهدف الدوام وهي التدريب والمراجعة والتطبيق.

         
أ‌-    التدريب :  إن وجهة النظر الحديثة في تعلم الرياضيات تعترف بالتدريب كوسيلة أساسية للوصول إلى ضوابط مرغوب فيها، هذا بالإضافة إلى التأكيد على المفاهيم والمعاني والعلاقات اذا ما اريد للفهم ان يتم، فالكثير من العمليات الحسابية يجب ان تتم لا بدقة فحسب، بل بسهولة وسرعة اذا اريد لها ان تكون ذات نفع، وتدعو الحاجة الى جعل بعض هذه العمليات الية، ولبلوغ السهولة في استخدام هذه العمليات لا بد من التمرين المنظم والمتكرر، أي التدريب، واذا اريد ان يكون تعلم الرياضيات فاعلا، وجب ان يتلازم الفهم جنبا الى جنب مع الكفاية في اجراء العمليات، ولا فائدة من المهارة في اجراء عملية ما اذا لم يعرف الفرد الظروف التي تتم فيها هذه العملية.


 ب‌-   المرجعة :  ترتبط المراجعة بالتدريب، اذا ان كليها يتميز بالتكرار ويهدف الى تثبيت المعلومات او المفاهيم او العلاقات، والتفريق بينهما مرده الى الهدف من كل منهما، فالتدريب يهدف الى جعل بعض العمليات نسبيا آاية، بينما تهدف المراجعة لتثبيت التفاصيل، واستيعابها، وتنظيم الاشياء الهامة ورؤيتها بشكل كل متماسك بغية فهم العلاقة بين الاجزاء المختلفة بعضها ببعض، وعلاقة هذه الاجزاء بالوحدة ككل، أي ان المراجعة تعني بترتيب، وربط العناصر ببعضها البعض، وبالقاء النظرة جديدة على الموضوع الذي تمت دراسته.
        
ت‌-   التدريب :  بعد ان يتعلم الطلاب جيدا وبكفاية، تبقى هناك مشكلة الاحتفاظ بما تعلموه جاهزا في عقولهم وفي متناول ايديهم، ومن غير تطبيق واستعمال مستمرين تصبح المفاهيم غامضة، ومشوشة، اما المهارات فيعلوها الصدا، وتصبح العلاقات والطرائق غير مؤكدة، ولكي نتجنب ذلك يجب التمرين على المهارات وتنشيط الافكار بين الحين الاخر، حتى ولو كان الطالب قد انتقل الى تعلم موضوع جديد، ويجب ملاحظة ان التدريب والتمرين يجب ان لا يكون مكثفا ومركزا، بل يعاد على فترات متباعدة، وبالمثل تطبيق المبادئ والافكار.


0 التعليقات:

إرسال تعليق